-A +A
مشعل السديري
أظهرت دراسة جديدة نشرتها صحيفة (ديلي إكسبريس)، أن التغيب عن العمل بداعي المرض يكلف اقتصاد بريطانيا 17 مليار جنيه إسترليني في العام.
ورجحت الدراسة احتمال أن تكون التكلفة الحقيقية أعلى من ذلك بكثير كونها لا تشمل النتائج المالية الأخرى لغياب الموظفين، مثل خدمة الزبائن، وفقدان الطاقة الإنتاجية وغيرها من العوامل – انتهى الخبر.

هذا عن بريطانيا التي يضرب بها المثل في الالتزام بالنظام ودقة المواعيد.
فكيف هو الحال بنا ونحن فرسان (التسويف) المغاوير؟!
وددت لو أنني لم أستخدم هذا الوصف أو التعبير، ولكن (ما باليد حيلة)، خصوصاً وأنني أعرف و(ابخص) عن قرب الموظفين من أهلي و(عشيرتي) - على طريقة واسلوب الرئيس المصري المعزول (مرسي) -، وهم يتفننون ويبدعون بجلب الأعذار و(التزويغات) ولم تنفع معهم (توقيعات) الحضور والغياب، لأن كل واحد منهم يسند ويشيل الآخر، وما أسهل تقليد (التواقيع) - صدقوني ما أسهلها، لأن لدي القدرة على تقليد ما لا يقل عن مائة توقيع -
وحسب ما أورده الأستاذ (محمد الحساني) بأن (هيئة مكافحة الفساد) اضطرت إلى الاستعانة بمفتي المملكة الشيخ (عبدالعزيز آل الشيخ)، للسؤال عن موقف الشرع من الموظفين الذين يحصلون على إجازات مرضية دونما حاجة لتلك التقارير لأنهم ليسوا مرضى، وإنما هدفهم الغياب عن العمل والنجاة من خصم أيام الغياب من رواتبهم.
يعني إلى هذه الدرجة أصبحت (الهيئة) الموقرة عاجزة عن التصدي لهذه الآفة ومكافحتها إلى الحد أنها أستنجدت بسماحة المفتي؟! – إذن اسمحوا لي أن أشكك بأن تلك الهيئة ليس لها أية مخالب (كالهزبر)، ولكن لها أصابع كأصابع الأرنب (فطوطة).
ومن حسن الحظ أنه سرعان ما استجاب سماحته لاستنجاد (الهيئة)، وأول ما بدأ كلامه بإيراد الآية الكريمة الدالة على أن من يفعلون ذلك انما هم: (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون).
وأردف قائلاً: إنهم يعلمون علم اليقين أن ما أخذوه من مال دون قيامهم بما يقابل ذلك المال من جهد وعمل وإنجاز لن يحلله تقرير طبي هم أول من يعلم حقيقته وأنه أعطي لهم من قبل فاسدين مثلهم يعتبرون إعطاء مثل تلك التقارير المزيفة من واجبات المجاملة وبناء العلاقات وتبادل المنافع – انتهى.
يشكر سماحة المفتي على ذلك (الشكم) لكل مزوغ متمارض، ولكن وبعدين؟!، أيوه وبعدين؟!
لا أعتقد أن ذلك (الشكم) وحده يكفي، لأنني ما أكثر ما ذكرت لمثل هؤلاء الحديث الشريف: (لا تتمارضوا فتمرضوا فتموتوا)، ويقابلون نصيحتي وتحذيري لهم بالمزيد من القهقهات، بل إن أحدهم قال لي متهكماً: (الو ، يا كايدهم)، وأتبعها بمقطع من أغنية (عبدالمجيد عبدالله): ادلع يا كايدهم خليهم يشوفونك، قالها لي وهو يترقوص، ولم أملك بعدها إلا أن أصاب بالعدوى ويستخف بي الطرب، وأخذت أحجل على قدم واحدة، واطق اصبع.
هذه هي مأساتي الدائمة، أبدأ جاداً وحذراً، وأنتهي هازلا ومبتذلا.
لهذا لا فائدة ولا أمل من (قربة مخرومة).